fbpx

الذكاءات المتعددة ودورها في خلق فرص النجاح

أنعم الله على الإنسان بالعديد من المميزات وسخر له من النعم ما يجعله يستغلها لخدمته وخدمة المجتمع من حوله، ومن ضمن هذه النعم العظيمة التي لا تُحصى ولا تُعد نعمة العقل وإيداعه سبحانه وتعالى للذكاء باختلاف صوره في عقول عباده.

ليس هناك شخص غبي وآخر ذكي؛ كلنا أذكياء ولكن بصور ودرجات متفاوتة وكل منا قادر على أن يكون ذكيًا بما يتلاءم مع ظروف حياته وطبيعة شخصيته ومحيطه وعمله.

كل فرد منا له ما يميزه من صفات تجعله ينفرد بنوع معين من أنواع الذكاءات المتعددة و التي تؤهله لأن يؤدي عملا معينًا وأن يكون أهلا له وأن يبدع فيه سعيدًا بمميزاته متحملا ضغوطه.

من المعروف أن الذكاء الرياضي المنطقي وهو النوع الشائع من بين أنواع الذكاءات المتعددة وأكثرها استخدامًا بين الناس في مختلف الاختبارات، لكن نجد زيادة على الذكاء المنطقي، ذكاءات متعددة لها دورها الفعال في خلق فرص النجاح، وأحيانًا نجد أشخاص يتمتعون بأكثر من نوع واحد من الذكاءات. المهم حقًا هو أن يعرف كل فرد حدود قدراته ومهاراته لتطويعها في الأعمال التي ينبغي عليه تأديتها، فمتى يعرف الفرد نوع الذكاء الذي يتمتع به كان من السهل عليه تحديد نقاط قوته والتركيز عليها وتنميتها بالشكل الذي يجعله فردًا متميزًا.

حديثنا اليوم سيكون عن الذكاءات المتعددة ودورها في خلق فرص النجاح للأشخاص.

 بعد أن تقرأ المقال سوف تكون قادرًا على تحديد نوع الذكاء الذي تتمتع به أو إذا كانت أنواعًا وليست نوعًا واحدًا لكي تستطيع التعرف على المجال الذي ستتميز فيه.

قبل أن نتطرق للحديث عن أنواع الذكاء، علينا أن نفهم ما هو الذكاء بالأساس

بالرغم أن مصطلح الذكاء يُطلق على القدرات العقلية المتميزة لدى الأفراد التي تجعلهم متفرديين في أدائهم عن غيرهم، إلا أنه لا يوجد حتى الآن تعريف دقيق وواضح للذكاء. ولكن بشكل عام يمكننا القول أن الذكاء قد يكون فطريًا يُولد به الإنسان ويكتسبه من الجينات، وقد يكون مكتسبًا بفضل البيئة المحيطة به وقدرة الفرد على التعلم من المواقف وتطوير الذات وتغيير السلوكيات للأفضل.

وتعتبر قدرة الفرد على التعلم بشكل مستمر، وقدرته على اكتساب الخبرات، وحرصه على طرح الأسئلة والخروج بحلول إبداعية ومبتكرة من أهم محفزات الذكاء لدى الأفراد كافة.

وللذكاء أنواع، ويتميز أصحاب كل نوع من أنواع الذكاء بصفات محددة تمكنه من أداء اعمال معينة والنجاح فيها وإظهار قدرات إبداعية عالية تفوق قدرته على أداء أعمال أخرى قد لا تتناسب مع قدراته ومهاراته الحالية.

وكل نوع من أنواع الذكاء يمكنه خلق فرصة نجاح تختلف عن سابقتها، وفي النقاط التالية سنوضح أنواع الذكاء لكي تعرف لأي نوع من الذكاء ينتمي ذكاؤك ولكي تكون قادرًا على تحديد أفضل المهن والوظائف التي يمكنك العمل بها مستقبل أو حاليًا.

بداية، نود التوضيح أن الذكاء في أساسه ينقسم إلى ذكاء عقلي والذي ينقسم بدوره إلى الذكاء اللغوي والموسيقي والاجتماعي والفني والرياضي وغيرها من أنواع الذكاءات العقلية بالإضافة إلى الذكاء العضلي الذي يتمتع به لاعبو اللياقة البدنية وكمال الأجسام وكل محبي الحركة والتنقل، بالإضافة لذكاء المشاعر سواء العاطفي أو الاجتماعي.

دعونا نتكلم باستفاضة عن أنواع الذكاءات فيما يلي

الذكاء الرياضي أو المنطقي أو العقلي أو الرقمي

يتمتع أصحاب هذا النوع من الذكاء بالقدرة على حل المسائل الرياضية والأمور التي تحتاج إلى المنطق والعقل والتفكير الدقيق وهم بارعون في إعطاء استنتاجات مبنية على مقدمات منطقية وهم يركزون مع الأرقام ويعطونها دلالات لذلك فهم لا يميلون للحفظ وقد لا يكونون بارعين في التعبير أو تعلم اللغات و يبقى هذا الاستنتاج نسبيا مقارنة مع بعض الحالات التي يمكن أن تتفوق في أكثر من مجال.

وينظر أصحاب هذا النوع من الذكاء لما وراء الأمور وبالتالي فإن أصحاب هذا النوع من الذكاء سوف يكونون بارعين في مجالات مثل: التدريس في الرياضيات والفيزياء والعمل في مجال الهندسة والتقنية والبرمجة، وستجدهم في أوقات فراغهم يميلون لحل الألغاز والكلمات المتقاطعة والسودوكو والشطرنج وألعاب الذكاء المتعددة التي تنمي لديهم هذا النوع من الذكاء.

الذكاء اللفظي أو اللغوي

هذا النوع من الذكاء يعتبر مخالف للنوع السابق وفيه يتمتع أصحاب هذا النوع من الذكاء بالقدرة على التعبير بالألفاظ واستعمال الكلمات ويميل أصحاب هذا النوع من الذكاء لقراءة الشعر وتذوقه وقراءة الكتب وكتابة موضوعات التعبير، كما أنهم الأقدر على التواصل مع غيرهم بشكل فعال والتعبير عن أنفسهم وما يشعرون به في المجتمع المحيط بهم و يمتلكون القدرة على الإقناع وبالتالي التميز بين الأفراد.

إن أصحاب الذكاء اللفظي يتمتعون بقدرة عالية على الحفظ ولديهم شغف عالٍ بالقراء والكتابة، كما أنك قد تجدهم يقضون وقت فراغهم في حفظ كلمات جديدة أو حل الألغاز اللغوية أو تعلم لغة جديدة أو الدخول في مناقشات واستعراض ما توصلوا إليه.

ويتمتع أصحاب الذكاء اللغوي بالقدرة على العمل في مجالات مثل: الترجمة الشفوية ومجالات الإذاعة والصحافة والتدريس، ويتمتع الخطباء والشعراء والسياسيون بدرجة عالية من الذكاء اللغوي تمكنهم من أداء أعمالهم على خير وجه.

الذكاء الجسدي أو الحركي

ذكاء يمتلكه الرياضيون واللاعبون المحترفون الذين يتمتعو بالقدرة على التحكم في نشاط أجسادهم وحركاته بالإضافة إلى قدرتهم على إحداث توازن الجسم، ويتمتع أصحاب هذا النوع من الذكاء بالقدرة على التواصل المباشر مع المخ حيث يتحكم كل نصف من المخ بالجزء الآخر المضاد له من الجسم وهو ما يحدث مع لاعبي الكرة المتفوقيين والرياضيين العالميين ولاعبي الباليه وغيرهم.

الذكاء الطبيعي أو البيئي أو الحيوي

يتمتع أصحاب هذا النوع من الذكاء بحبهم لكل ما هو طبيعي من تربة ونباتات وحيوانات وهم مولعون بالسفر للأدغال والغابات والتقرب من الطبيعة والعيش بين أحضانها، لذلك تجدهم يعملون في مجال الأحياء أو الجيولوجيا أو اكتشاف الصخور والاهتمام بشأن الحيوانات.

الذكاء المكاني أو الفراغي أو البصري

من إسمه فإن أصحاب هذا النوع من الذكاء يتمتعون بالقدرة على تصور الأشياء في الفراغ أو في الشكل الثلاثي الأبعاد، وهناك فارق بين الذكاء الفراغي وبين حاسة البصر. وأصحاب هذا الذكاء قادرون على إدراك ما يسمى بالتواجد في المكان وهي ملكة لا يمتلكها الجميع، ولكننا قد نجدها في الأشخاص المُستعان بهم في مجال الفلك عند استكشاف النجوم أو في مجال الفن و عند تحديد الجهات وفي مجال قيادة الطائرات والقوارب والسفن وفي مجالات الهندسة والمعمار.

الذكاء الموسيقي أو الإيقاعي

تختلف طريقة تعامل الأفراد مع الموسيقى وموادها؛ فمنهم من يتعامل مع المقطوعة بطريقة عادية وتمر عليه مرور الكرام ومنهم من يسمعها بتأنٍ ويكررها مرات عديدة ويكتشف في كل مرة شيئًا يعجبه. الأشخاص الذين لديهم ذكاء موسيقي أو إيقاعي يتعاملون مع الموسيقى بطريقة مختلفة تجعلهم واعين بلغة الموسيقى وما تريد أن توصله من معانٍ. ونجد هناك علاقة قوية ووثيقة بين الموسيقى والمشاعر لذلك فإن الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء موسيقي نجدهم يتمتعون بصحة عقلية ممتازة في الغالب.

الذكاء الاجتماعي أو التفاعي

يتمتع أصحاب هذا الذكاء بالقدرة على التواصل مع الآخرين دون الشعور بحواجز في العلاقة أو عدم القدرة على خلق حوار، لذلك تجدهم يحبذون الخروج مع الأصدقاء ولا يمانعون عن التعارف على الغرباء أو خلق صداقات جديدة. هم دائمًا قادرون على التحليل الاجتماعي والتواصل والتعبير بلا أدنى مشكلة وهذا من منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه. هؤلاء الأشخاص سيكونون ناجحين في العمل في مجالات المبيعات وخدمة العملاء وفي قيادة الأشخاص وكل ما له علاقة بالتواصل مع الأفراد.

الذكاء العاطفي

من الذكاء أن يتعامل الإنسان مع نفسه بشكل مختلف ومميز عند الفضل أو الإحباط أو الشعور باليأس، وكل من يتعامل مع المشاعر السيئة التي يواجهها يوميًا بشكل فعال بذكاء يعتبر شخصا ذكيا عاطفيًا، وكلما تمكن الفرد من التحكم في أهوائه واستطاع تنظيم حالته النفسية على النحو المُراد، كان جديرًا بلقب (ذكي عاطفيًا) وعندها يستطيع الفرد التحكم في المشاعر السلبية والتخلص منها والمُضي قدمًا في أعماله اليومية.

الذكاء الحسي أو الحركي

ويتمتع أصحاب هذا الذكاء بالقدرة على التوازن والتنسيق بين حركات الجسد و العقل من أجل عمل معين، ويتمتع الكثير من الأشخاص بهذا النوع من الذكاء كالسائقيين الذين يقومون بالعديد من الأعمال الموازية أثناء القيادة والأطباء ومن يقومون بالأعمال اليدوية. ويتمتع أصحاب هذا النوع من الذكاء بالقدرة على التحكم في حركات الجسد حتى في أحلك الظروف وهم يحبون ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني، فلا تجدهم جالسين دون نشاط لأنهم وقتها يشعرون بالملل.

الذكاء الشخصي أو الداخلي أو الذاتي

هذا النوع من الذكاء هو أعلى أنواع الذكاء، ففيه يستطيع الفرد فهم ما تخفيه نفسه وفهم أفكاره وما يدور في ذهنه بل والتحكم في هذه الأفكار. ويعمل الشخص الذكي ذاتيًا على معرفة نقاط قوته والتركيز عليها وكذلك فإنه يعي نقاط ضعفه ويحاول تطويرها لكي تكون نقاط قوة، وهو قادر على وضع الخطط وتحديد الأهداف والنظر للمستقبل. الشخص الذكي داخليًا يملك صفات القيادة والاستقلالية وهو قوي الإرادة واجتماعي في أغلب الأحيان، إلا أنه قد يميل إلى قضاء بعض الوقت منفردًا ليتخذ قراراته وليتأمل بشكل سليم.

الذكاء الروحي أو الخارجي

إن قدرة الإنسان على أن يعي نفسه وما له و ما عليه ووعيه بالعالم المحيط حوله، ووعيه للعلاقات التي تربط بين الأمور وبعضها وبين الظواهر المحيطة بعضها ببعض يجعله شخصا ذكيا روحيًا وخارجيًا، كما أن قدرته على الربط بين الأمور وبعضها مهما كانت العلاقة بينها تبدو منفصلة أو بعيدة تجعله قادرًا على النظر فيما وراء الأمور. يجب على كل فرد منا أن يتمتع بهذا النوع من الذكاء حتى تقوى شخصيته ويقوى اعتزاه بنفسه فيكون قادرًا على التواصل مع محيطه.

كثيرة هي أنواع الذكاءات و الآن، كل ما عليك فعله هو اكتشاف ذاتك وأن تكون على وعي بأي نوع من أنواع الذكاء ينتمي ذكاؤك. كن على يقين بأن كل فرد منا له قدراته ومواهبه المتميزة التي أنعم الله عليه بها وحباه إياها لكي يكون قادرًا على أداء العمل الذي خُلق من أجله، ولكي يستطيع به أن يسمو بنفسه وبالمجتمع المحيط من حوله.

كن واثقًا بنفسك واعتز بما لديك من مهارات واحرص على تطوير ذاتك وواجه مخاوفك وتأكد بأن لديك شيئا في هذا العالم لتقوم به على أحسن وجه.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *