fbpx

لاعبه في سبع، وأدبه في سبع، وصاحبه في سبع

نُقل عن السلف النص القائل ما يلي: (لاعب ابنك سبعًا، وأدبه سبعًا، وآخه سبعًا، ثم ألق حبله على غاربه)، وقد نُسب ذلك الأثر إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ومن هنا جاء عنوان مقالنا: لاعبه في سبع وأدبه في سبع وصاحبه في سبع.

ونستطيع الآن رؤية كيف أن الإسلام وضع لكل الآباء منهاجًا تربويًا قويمًا يستطيعون اتباعه مع أبنائهم بداية من الولادة وحتى سن السابعة وذلك باستخدام منهج اللعب وعدم التقييد والتبسيط، ومن السابعة وحتى الرابعة عشر باستخدام منهج التأديب والتقويم، ومن الرابعة عشر وحتى سن الحادي والعشرين باستخدام منهج مصاحبة الأبناء وإقامة علاقة قائمة على الصداقة أكثر منها قائمة على ما هو صواب وما هو خطأ أو أكثر منها قائمة على مبدأ (افعل ولا تفعل).

التربية ليست أمرًا هينًا فهي تحتاج إلى القراءة والتعمق في الفهم والدراسة من قبل الوالدين لكي يكونوا قادرين على الاضطلاع بمسؤلية التربية والقيام بها على أفضل وجه؛ أولا: تنفيذًا للحديث الشريف: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، وثانيًا: لأنه واجب عليهم ولزامًا تربية أبناء أسوياء نفسيًا قادرين على مواجهة المجتمع والتكيف معه بل والاندماج فيه وتقديم الإنجازات، وثالثًا: لأن الظروف أصبحت مختلفة وأضحى هناك العديد من القوى الداخلية والخارجية التي تساعد في مسألة التربية مع الأبوين، فإن لم يكن الأبناء مسلحين كفاية بالدين والأخلاق القويمة ضاعوا وضاعت معهم جهود الوالدين في التربية.

وبالحديث عن التربية ومناهجها وطرقها، فإننا نجد الإسلام قد أوضح لنا طريقًا قسم فيه طريقة التربية على حسب المرحلة العمرية؛ فتجد المرحلة الأولى تتسم بطريقة تربوية تختلف عن الثانية وعن الثالثة أيضًا، وحتى الطفل نفسه يختلف في سلوكه وتصرفاته في كل مرحلة ما يستدعي مرونة من الوالدين ووعي بكل مرحلة ومتطلباتها.

في هذا المقال سندرس أسس التربية للمراحل العمرية من الولادة وحتى 21 عام، وسنتعرف إلى الطريقة التي يجب على الوالدين اتباعها في منهجهم التربوي وفقًا لكل واحدة.

المرحلة الأولى: من الولادة وحتى سن السابعة- لاعبه في سبع

في هذه المرحلة العمرية، يكون الطفل بحاجة إلى الحركة والاستكشاف ويكون لديه حس الفضول مما يدفعه إلى الابتكار في الكثير من الأحيان. على الوالدين مساعدة الطفل على الحركة وتنمية مهارات الاستكشاف والإبداع والابتكار وعدم كبتها أو تثبيطها حتى لا تؤثر على الطفل سلبًا فيما بعد.

وعلى الوالدين محاولة تربية أبنائهم في هذه المرحلة العمرية باتخاذ مجموعة من المبادئ والأسس التي تشتمل على ما يلي:

  • التساهل والقبول وعدم التقييد

على الوالدين البعد ،قدر الإمكان، عن الزجر لأبنائهم بل عليهم أن يتمتعا بقدر لا بأس به من الصبر والمرونة وطول البال خاصة وأن الطفل يكون كثير الحركة ويرغب في معرفة العالم الجديد الذي نشأ فيه ولا يعرف عنه شيئا بعد أن قضى تسعة أشهر في رحم أمه.

  • الابتعاد عن العنف والتسلط والسيطرة

لما لهم من آثار سلبية على الطفل خاصة في هذه المرحلة العمرية، التي قد يؤدي فيها العنف إلى عناد متصل من قبل الطفل وبالتالي استخدام العنف من قبل الوالدين أو أحدهما.

  • ترك الحرية للطفل وعدم توبيخه

بتركك الحرية لطفلك وعدم توبيخه فإنك تصنع معروفًا لنفسك وله، وتُنمي مواهبه ومهاراته ما يجعله شخصًا مميزًا بين أقرانه في المستقبل.

  • تنمية خيال الطفل وقدراته الإبداعية باستخدام ألعاب الذكاء والوسائل التعليمية المختلفة

بفضل مناهج التربية الحديثة والوعي المستحدث تجاه التربية، انتشرت الوسائل التعليمية المميزة التي لها دورها الكبير في تنشئة الطفل تنشئة مختلفة عما نشأنا نحن عليها. استخدام هذه الوسائل يُعلي من قدرات الفرد ومهاراته.

  • مخاطبة مشاعر الطفل لا عقله

طفل السنة وحتى السبع سنوات طفل عاطفي يتأثر بالمشاعر أكثر من الكلام العقلي المنطقي، لذا فإذا أردته أن ينفذ أمرًا أو أن يبتعد عن شيئًا يؤذيه خاطب مشاعره بعناق أو بقبلة على جبينه مع الكلمات الطيبة.

  • البعد عن معاندة الطفل والبعد عن الرضوخ لكل ما يريده في الوقت ذاته

نعم، نعلم أنها معادلة صعبة ولكن كما يقولون (خير الأمور أوسطها)؛ ويمكنك تنفيذ ذلك من خلال محاولة إيجاد أرض مشتركة بينك وبين طفلك لتجنب نقطة العناد.

  • الاستماع للطفل وما يريد فعله ومناقشته بطريقة بسيطة تناسب مرحلته العمرية

المعروف الذي يمكن أن تسديه لطفلك هو أن تستمع له وتناقشه بشكل بسيط يناسب المرحلة العمرية التي ينتمي إليها.

  • التعامل الصحيح مع مسألة الكذب في هذه المرحلة العمرية، فالأطفال في هذه المرحلة العمرية لا يعرفون التفريق بين الخيال والحقيقة، أو يكذبون أحيانًا لمحاولة إخفاء شي ما يعرفون أنه سيسبب لهم العقاب، وأحيانا يكذب الأطفال للفت الانتباه.
  • استخدام العقاب المناسب لهذه المرحلة العمرية وعدم المبالغة فيه خاصة وأن الطفل لازال في سن صغيرة
  • الزيارة الدورية للأبناء في المدارس والسؤال عن سلوكهم التعليمي يكسبهم ثقة في أنفسهم ويجعلهم حريصيين على تقديم أفضل ما لديهم.

المرحلة الثانية: من السابعة وحتى سن الرابعة عشر- أدبه في سبع

هذه المرحلة تعنى بتربية الأطفال وتقويم سلوكهم لأنهم الآن أصبحوا أفهم عن المرحلة السابقة وأصبح الوضع مختلفًا، فيمكنك البدء في التوجيهات المطلوبة لهذه السن ونصحهم وإرشادهم وحثهم على ما يجب فعله وما لا يجب فعله. على الوالدين أن يحرصوا على تقديم أنفسهم كنموذج يُحتذى به لأبنائهم فلا يحثوهم على فعل الصالح ويفعلون هم عكس ذلك لأن ذلك سيؤدي حتمًا إلى عدم تصديقهم.

ويمكن للوالدين اتباع هذه النقاط في منهجهم التربوي في هذه المرحلة، وتشمل هذه النقاط ما يلي:

  • ضرورة توفير جو هادئ و منفتح بين الأبوين

بعيدًا عن المشكلات والصراعات الأسرية التي يهدر فيها الآباء أوقاتهم وطاقاتهم ويرهقون فيها أبناءهم نفسيًا.

  • إظهار العطف والمحبة والابتعاد عن الضرب والصفع والإيذاء البدني

يريد الطفل دائمًا الشعور بعطفك وحنانك فلا تحرمه منه وفي نفس الوقت ابتعد عما يسبب له الإيذاء النفسي أو البدني.

  • إظهار ردود الأفعال المناسبة عند الغضب لأن الطفل سيقلدها في الكبر
  • يجب أن يكون الوالدان قدوة لأبنائهم في ردود أفعالهم وتصرفاتهم حتى يقلدوهم في الصغيرة قبل الكبيرة ويجب أن يبتعد الوالدان عن الكذب والالتزام بالعهود والاعتراف بالخطأ والاعتذار من الأبناء عند الخطأ.
  • إظهار الإيجابية والبعد عن الألفاظ السيئة

في سلوكياتك وتصرفاتك، واحرص على إظهار الإيجابية وابتعد عن الألفاظ النابية السيئة.

  • اختيار الوجبات الصحية وحثهم على ممارسة الرياضة

حتى يكون منهاجًا لديهم منذ الصغر.

  • لوم الطفل على أخطائه بالشكل الصحيح
  • حث الطفل على استخدام كلمات مثل: شكرا، وعفوا، والكلمات الإيجابية بشكل عام
  • لا يجوز للوالدين الموافقة على شروط الأطفال كقولهم: سأنجز الواجب إذا ما سمحت لي بمشاهدة التلفاز ومثل هذه الشروط.

المرحلة الثالثة: من الرابعة عشر وحتى سن الحادي والعشرين- صاحبه في سبع

صاحب ابنك في هذه المرحلة العمرية- مرحلة المراهقة، والتي فيها يحتاج الابن للصداقة بينه وبين أبويه أكثر من الأمر أو النهي. وتعتبر مرحلة المراهقة من أكثر الفترات الصعبة في حياة الأبناء ووالديهم لأن الأبناء يحرصون فيها على إظهار الشخصية والعناد ويصبح من الصعب لديهم تقبل فكرة الأوامر والنواهي.

تصرف بذكاء في هذه المرحلة حتى تستطيع تمضيتها مع ابنك بسلام، وإليك أسس التربية السليمة التي يمكنك اتباعها في هذه المرحلة العمرية لضمان تمضيتها على أكمل وجه بقدر الإمكان، وهي كما يلي كالتالي:

  • مصاحبة الابن ومراقبته بشكل غير مباشر

إعطاء الابن النصائح والأوامر بشكل غير مباشر حتى لا يتذمر و تتأتي بذلك النتائج بصورة سلبية

  • يجب أن يتصف سلوك الوالدين في هذه الفترة بالحكمة والصبر والهدوء والتوازن والمرونة كذلك

وهذه النقطة من الأهمية بمكان وهي تنبع من ضرورة اتباعهم لسياسة النفس الطويل لتحقيق أفضل النتائج في هذه الفترة

  • على الوالدين ألا يغلقا باب الحوار مع ابنهما ويحرصا على تعلميهم آداب الحديث

ينبغي على الآباء السماح لأنفسهم بسماع أولادهم ومناقشتهم في وجهات نظرهم حتى يصلا معًا لحل يرضي الطرفين قدر الإمكان.

  • إشراك الأبناء في الأنشطة المختلفة لتعزيز احترامهم لذاتهم وثقتهم بأنفسهم
  • تجنب التدخل في حياة الأبناء بشكل يفقدهم خصوصيتهم
  • تنمية الجانب الذي يجعل الأبناء يعتمدون فيه على أنفسهم ويقوي شخصيتهم
  • ترك الحرية للطفل في اختيار ملابسه أو برنامجه المفضل أو طعامه لتنمية روح الاعتماد على الذات
  • على الأم والأب أن يفعلا ما يشبه دستور أو وثيقة للمنزل يكون فيها للابن دور مهم في أن يكون مسؤولا أمام والديه عن غرفته مثلا ومكافأته في حال التزامه بالوثيقة ومعاقبته في حال مخالفتها.
  • الحرص على رفع ثقة الطفل بنفسه وقدراته وتشجيعه دائما على أنه قادر على تحمل المسؤولية
  • الحرص على إظهار عبارات الإعجاب والمدح عند نجاحه في مهمة ما وعند اعتماده على نفسه أو عند تحقيق إنجاز معين، ويا حبذا لو أُعطي هدية على ذلك
  • على الوالدين اتباع نفس المنهج التربوي مع أولادهم حتى لا تتعارض مبادئ المناهج التربوية مع بعضها، فلا يطلب الأب من الابن القيام بشيء تنهاه عنه الأم في الوقت ذاته.

وسواء كان ابنك في السابعة أو الرابعة العشر أو في الحادي والعشرين من عمره، فاحرص كل الحرص على تمضية أطول فترة ممكنة معه بالتوازي مع عملك وجوانبك الحياتية الأخرى لأن هذه اللحظات التي تشهد فيها مشي ابنك أو نطقه أو تعلمه الحروف أو تعلمه رياضة ما أو نجاحه بين أقرانه أو قدرته على إنجاز مهمة ما لهي الأجمل من بين كل اللحظات.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *